محتويات الصفحة
النفاس هو فترة حرجة للغاية تمر بها الأم عقب الولادة مباشرة، وهي عبارة عن نزيف يحدث عقب خروج المشيمة التي كانت تربط الطفل بالأم، وتنهار عقب خروج الطفل ومعها جدار الرحم، ويطلق عليها نفاس الحمل، وتحدث هذه المرحلة خلال الأسابيع الستة التي تلي مرحلة الولادة مباشرة، وتصفها منظمة الصحة العالمية بأنها فترة ذات أهمية خاصة جدًا بالنسبة للأم والطفل كذلك، حيث تحدث معظم وفيات الأمهات أو الأطفال حديثي الولادة في هذه الفترة الحرجة. ولابد ألا تغادر المرأة المشفى سوى بعد أن تستقر حالتها طبيًا، والتي يمكن أن تكون خلال وقت قصير من الولادة، أي عقب بضع ساعات فقط، إلا أن استقرار حالة الأم والطفل يحسبا في الولادة المهبلية الطبيعية عقب مرور يومين فقط، في حين تستغرق الولادة القيصرية من ثلاثة إلى أربعة أيام حتى تستقر حالة الأم، وخلال تلك الفترة يجب أن تتم مراقبة حالة الأم من حيث كمية النزيف، ودرجة الحرارة للجسم ككل، وذلك على الأقل لفترة لا تقل عن 48 ساعة.
مراحل النفاس
للنفاس مراحل متتابعة يبدأ وينتهي بها، حيث يبدأ بالمرحلة الحادة وتكون خلال 6 إلى 12 ساعة عقب مرحلة الولادة مباشرة، ثم تبدأ بعدها مرحلة النفاس بعد الحاد؛ وتستمر في فترة من أسبوعين إلى 6 أسابيع، وتنتهي بمرحلة النفاس المتأخر بعد الولادة، والتي يمكن أن تستمر لمدة لا تقل عن 6 أشهر.
الاضطرابات التي قد تحدث أثناء فترة النفاس
سجلت بعض التقارير العلمية أنه خلال فترة ما بعد الولادة، أنه من 87٪ إلى 94٪ من النساء قد أبلغن عن عدد من المشاكل والاضطرابات الصحية الجسدية والنفسية، التي قد تحدث أثناء هذه الفترة، ومنها المشاكل التالية:
1. الاضطرابات الجسدية
فجوة المستقيم
فجوة المستقيم هي فجوة تحدث بين جانبي عضلة البطن المستقيمة، والتي يمكن أن تحدث في فترات ما قبل الولادة وبعدها، ولكنها ليست حالة مرضية تسبب الوفاة، وأفضل علاج لها هو جلسات العلاج الطبيعي.
النزف
يحدث النزف بعد الولادة مباشرة، وهو عبارة عن فقدان للدم ويقدر ب500 مل (ثانوي)، و 1000 مل (رئيس)، فإذا ما حدث نزيف ثانوي أكثر من هذا المعدل بعد بعد 24 ساعة وقبل 12 أسبوعًا بعد الولادة، فهو يعد نزيفًا غير طبيعيًا أو مفرطًا.
سلس البول
بعض الحالات كانت قد سجلت حدوث سلس البول والبراز السلبي، والتي تم ربطها بالولادة عمومًا مع كافة طرق الولادة، وقد يحدث سلس البول خلال 6 أشهر بعد الولادة .
العدوى
عدوى ما بعد الولادة، تعرف أيضًا بأسماء أخرى مثل عدوى الطفل أو عدوى النفاس، وهي عبارة عن عدوى بكتيرية تصيب الجهاز التناسلي الأنثوي بعد الولادة أو الإجهاض، وعادة ما يتم التعرف عليها من خلال بعض الأعراض مثل ارتفاع درجة حرارة الجسم حتى 38 درجة مئوية، إلى جانب شعور المرأة ببعض القشعريرة وآلام أسفل البطن، وقد يبدأ الرحم في إفرازات مهبلية ذات روائح كريهة، وتحدث غالبًا بعد أول 24 ساعة من الولادة، وخلال العشرة أيام الأولى من الولادة.
التهاب الثدي
التهاب الثدي ثناء فترة النفاس، هو عبارة عن التهاب يحدث بالثدي أثناء الرضاعة الطبيعية، ويتم التعرف عليه من خلال بعض الأعراض المصاحبة له مثل؛ شعور المرأة ببعض الألم والاحمرار بالثدي، وغالبًا ما تصاحبه بعض الحمى والألم العام بالجسم، وغالبًا ما يكون هذا الأمر سريعًا، ويحدث في غضون الأشهر القليلة الأولى من الولادة، ويمكن أن تشمل المضاعفات حدوث بعض الخراج في الثدي إذا ما تم إهمال العلاج.
ناسور الولادة
ناسور الولادة هو عبارة عن حالة طبية يحدث فيها ثقب في قناة الولادة نتيجة الولادة نفسها، وهي شائعة الحدوث في حالات الولادة المتعسرة، ويمكن الوقاية منها بالولادة القيصرية مبكرًا قبل أن تتعقد الأمور، حيث يمكن أن يحدث الناسور بين المهبل والمستقيم والحالب أو المثانة، وإذا ما تأخرت الحالة يمكنه أن يؤدي إلى سلس البول أو البراز.
تمزق العجان
تمزق العجان هو حالة طبية من التمزق العفوي (غير المقصود) التي تحدث للجلد والأنسجة اللينة الأخرى التي تفصل بين المهبل والشرج عند النساء خلال عملية الولادة، وتحدث هذه الحالة بين 85٪ من الولادات المهبلية، وقد يحدث أنه عقب 6 أشهر من الولادة، أن تبلغ 21٪ من النساء يعانين من ألم في العجان، و11-49٪ منهن يعانين من مشاكل جنسية أو جماع مؤلم بسببها.
اعتلال عضلة القلب
اعتلال عضلة القلب الحاد هي حالة طبية تحدث عندما تنخفض وظيفة عضلة القلب، خلال الشهر الأخير من الحمل قبيل الولادة، وقد تستمر لستة أشهر أخرى عقب الولادة، وتزيد خطورتها مع حدوث قصور القلب الاحتقاني، وعدم انتظام ضربات القلب، والتي قد تتسبب في حدوث الجلطات الدموية والسكتة القلبية.
التهاب الغدة الدرقية بعد الولادة
التهاب الغدة الدرقية بعد الولادة هي ظاهرة طبية مصاحبة للولادة، تمت ملاحظتها في عدد من الحالات، والتي يمكنها أن تشمل حدوث فرط أو قصور في عمل الغدة الدرقية وقد تشمل الحالتين بالتتابع أيضًا، وهي حالة تؤثر على حوالي 5 ٪ من جميع النساء وتحدث في غضون عام بعد الولادة.
انهيار الحوض
قد يحدث أن تهبط عضلة الحوض بعد الولادة، خاصة عندما ينخفض الرحم أو المثانة أو المستقيم نفسه إلى الأسفل في الحوض، ويُترك دون علاج وتدخل سريع فينتفخ المهبل، وهي حالة تعاني منها نصف النساء عقب عملية الولادة، وهي حالة شائعة الحدوث في النساء اللاتي تحملن مع سن متقدمة بعض الشيء.
2. الاضطرابات النفسية
يمكن أن تكون النساء في فترة ما بعد الولادة عرضة لمجموعة من الاضطرابات النفسية مثل الكآبة ما بعد الولادة، والاكتئاب ، والحزن. لا يتم تشخيص المرض العقلي في فترة ما قبل الولادة إلى حد كبير ويمكن أن يكون له تداعيات بعيدة المدى لكل من الأم والرضيع. يعد الفحص المبكر والتشخيص والإدارة أمرًا مهمًا جدًا ويجب اعتباره جزءًا إلزاميًا من رعاية ما بعد الولادة. فترة ما بعد الولادة يجعلها عرضة للغاية لاضطرابات نفسية مختلفة. تصنف عادة الاضطرابات النفسية بعد الولادة برفض مشاعر الأمومة، قلق النفاس، والاكتئاب بعد الولادة. تتميز ظاهرة ما بعد الولادة بمجموعة من العواطف من قابلية المزاج المؤقت، والتهيج، والاكتئاب، إلى الأوهام، والارتباك، والهذيان.
3. اكتئاب ما بعد الولادة
اكتئاب ما بعد الولادة، هي حالة نفسية شائعة تحدث للعديد من النساء، وهي عبارة عن حلقة اكتئابية متوسطة إلى شديدة، وقد تبدأ في أي وقت عقب ولادة الطفل في غضون الأسابيع الأربعة التالية للولادة، وقد تبدأ أيضًا في أي وقت أثناء الحمل، وقد تبلغ تحدث في 4-20 ٪ من حالات الحمل، وقد يتسبب إهمال علاج هذه الحالة النفسية من الاكتئاب، في استمرارها لفترة قد تصل إلى عام كامل بعد الولادة، إلى جانب تأثيرها على صحة الأم، ويكون من مضاعفاتها التأثير على صحة الأم العامة وقدراتها على التواصل مع طفلها عمومًا ورعايتها له، وقد تتسبب في أن يعاني الطفل من مشاكل في النوم والأكل والسلوك مع نموه. وقد يكون له تداعيات بعيدة المدى بالنسبة للأم وطفلها وعلاقاتها مع شريكها وأفراد الأسرة الآخرين. الفحص المبكر والتشخيص مهم جدا. يجب أن يقوم أخصائيو الرعاية الصحية بفحص الأمهات بشكل منتظم خلال الزيارات قبل الولادة وبعدها باستخدام بعض الأسئلة البسيطة. فترة ما بعد الولادة هي فترة من خطر متزايد لبداية أو تفاقم عدم الاستقرار المزاج وخاصة في النساء ذوات الاضطراب الثنائي القطب.
4. اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)
أظهرت الأبحاث أن أعراض اضطراب ما بعد الصدمة شائعة في فترة عقب الولادة، وهي حالة منتشرة بين 24-30.1 ٪ من النساء وتحدث بشكل أكبر خلال 6 أسابيع، وتنخفض إلى 13.6 ٪ في 6 أشهر، وحالة الصدمة هذه نادرة الحدوث مقارنة باكتئاب الحمل أو الولادة، حيث تتراوح معدلاتها بين 2.8-5.6٪ بعد 6 أسابيع من الولادة، وتنخفض في 1.5٪ في 6 أشهر.
نصائح للمرأة أثناء فترة النفاس
عقب مرحلة الولادة، تمر المرأة بالعديد من المشاكل الصحية النفسية والجسدية هي أو طفلها، ولهذا عليها أن تحرص على الوقاية من كل هذه الأمراض أو المضاعفات الصحية، من أجل حياة سعيدة وهادئة دون مشاكل أو اضطرابات، ولهذا يجب على المرأة أن تحرص على حماية نفسها بأخذ قسط كاف من النوم، وأن تبادر بالحصول على فترات راحة قدر الإمكان كلما أتت الفرص، هذا إلى جانب مساعدة الرضاعة الطبيعية في عودة الرحم لحجمه الطبيعي، هذا بالإضافة إلى ضرورة تناول الأم للكثير من الخضروات والفاكهة والأطعمة الصحية والغنية بالفيتامينات والحديد، من أجل تغذية جسمها وتعويض ما فقدته خلال فترة الولادة، وتغذية الطفل أيضًا من خلال الرضاعة، إلى جانب أهمية الحرص على تنظيف جرح الولادة سواء أكان قيصريًا أم طبيعيًا بالحفاظ على نظافة الفرج.
المصادر
– Pearson, G. et al., (2000), “Per partum cardio my apathy: National Heart, Lung, and Blood Institute and Office of Rare Diseases, (National Institutes of Health) workshop recommendations and review, JAMA, Vol.283, No.9, pp1183–1188.
– Borders N, (2006), “After the afterbirth: a critical review of postpartum health relative to method of delivery”, Journal of Midwifery & Women’s Health, Vol.51, No.4, pp242–248.
– Benjamin et al., (2014), “Effects of exercise on diastasis of the rectus abdominal muscle in the antenatal and postnatal periods: a systematic review”, Physiotherapy, Vol.100, No.1, pp1–8.
– Thompson JF. Et al., (2002), “Prevalence and persistence of health problems after childbirth: associations with parity and method of birth”, Birth, Vol.29, No.2, pp83–94.
– Olde et al., (2006), “Posttraumatic stress following childbirth: a review”, Clinical Psychology Review, Vol.26, No.1, pp1–16.
– Berens PD (2015), “Breast Pain: Engorgement, Nipple Pain, and Mastitis, Clinical obstetrics and gynecology, Vol.58, No.4, pp902–914.
– Montmasson H. et al., (2012), “Predictors of postpartum post-traumatic stress disorder in primiparous mothers”, Journal de gynecologie, Vol.41, No.6, pp553–560.
– Sit D. et al. (2006), “A review of postpartum psychosis”, Journal of women’s health, Vol.15, No.4, pp352–368
– Norton, Jeffrey A. (2003), Essential practice of surgery: basic science and clinical evidence, (Berlin: Springer) p.350.