التوحد

يعتبر مرض التوحد حالة عصبية سلوكية معقدة، يتضمن اضطرابًا في السلوك الاجتماعي، و في تطور اللغة، و مهارات التواصل، بالإضافة إلى بعض التصرفات النمطية التكرارية التي يتميز بها المصابون بهذا المرض.

مرض التوحد

مرض التوحد هو اضطراب النمو الذي ينطوي على نمو غير طبيعي في وظائف الدماغ. فالأشخاص الذين يعانون من مرض التوحد تظهر لديهم انخفاض في مهارات التواصل الاجتماعي. يحدث بداية قبل سن 3 سنوات. يعتبر مرض التوحد من الامراض الأكثر انتشارا حتى من مرض السكري في مرحلة الطفولة. حتى وقت ليس ببعيد لم يكن لدينا أي فكرة عن سبب حدوث مرض التوحد ومازالت الأبحاث مستمرة  في سبيل التعرف على كل مايخص هذا المرض. حدد العلماء عددا من التغييرات المتعلقة بالجينات أو الطفرات المرتبطة بمرض التوحد. وقد أوصلتهم الأبحاث التي اجريت خلال السنوات الخمس الماضية الى ان سبب معظم حالات التوحد يكمن في مزيج من الجينات مع بعض العوامل البيئية التي تؤثر على نمو الدماغ في وقت مبكر. ففي حالة وجود استعداد وراثي لمرض التوحد، ووجود عدد من العوامل البيئية فان ذلك يزيد من خطر الإصابة بالتوحد عند الاطفال. و تشمل مرض الأم أثناء الحمل وبعض الصعوبات أثناء الولادة كقلة وصول الأوكسجين إلى الدماغ . تتركز الأبحاث على الزام المرأة بتناول الفيتامينات قبل الولادة خاصة حمض الفوليك و أو تناول الوجبات الغنية بحمض الفوليك خلال الأشهر قبل وبعد الحمل الأمر الذي يساعد في تقليل خطر وجود طفل مصاب بالتوحد.

ما الذي يسبب التوحد

لا تزال أسباب مرض التوحد غير معروفة بالكامل لدى الخبراء. لكن هناك أسباب متعددة لهذا المرض بما في ذلك البيئة العوامل الوراثية والبيولوجية،  هناك سببا للاعتقاد بأن الجينات تلعب دورا رئيسيا في تطوير مرض التوحد. في بعض الأحيان يعاني المصابون بالتوحد من مشاكل اجتماعية خفيفة كالمشاكل الاجتماعية أو الاتصالات بالآخرين وقد وجدت الأبحاث أن بعض الاضطرابات العاطفية (مثل الاكتئاب الهوسي) تحدث في كثير من الأحيان في أسر طفل يعانون من مرض التوحد. وقد وجدت مجموعة من الباحثين على الأقل وجود صلة بين جين غير طبيعي ومرض التوحد. قد يكون هذا الجين فقط واحد من ثلاثة إلى خمسة أو أكثر من الجينات التي تتفاعل في بعض الطريق لإحداث حالة. ويعتقد العلماء أن الجينات المعيبة أو الجينات ربما تجعل الشخص أكثر عرضة لتطوير مرض التوحد عندما تكون هناك أيضا عوامل أخرى موجودة، مثل عدم التوازن الكيميائي أو الفيروسات أو المواد الكيميائية، أو نقص الأكسجين عند الولادة.

أسباب التوحد

  1. لأن مرض التوحد يكثر في عائلات معينة، يعتقد بعض الباحثين أن صفات جينية معينة هي التي تجعل الطفل معرضًا لمرض التوحد.
  2. تقدم سن الأم أو الأب يزيد من فرصة إصابة الطفل بالتوحد.
  3. عندما تتعرض الأم الحامل لبعض الأدوية أو المواد الكيميائية، فإن جنينها يصبح أكثر عرضة للإصابة بهذا المرض و يشمل ذلك تناول الكحوليات أثناء فترة الحمل.
  4. تزداد فرص إصابة الطفل بالتوحد أيضًا عند إصابة الأم ببعض الأمراض أثناء الحمل مثل السكر، و السمنة و استخدام مضادات الصرع، و الإصابة بالحصبة الألمانية.
  5. على الرغم من أن البعض يزعم أن بعض التطعيمات قد تكون سببًا في الإصابة بالتوحد، إلا أنه لا يوجد دليل علمي على ذلك الزعم.
  6. لا يوجد إثبات على أن مرض التوحد قد ينتج عن البيئة النفسية التي ينمو بها الطفل و طرق معاملة الآخرين له لم يصل العلم إلى سبب محدد واضح وراء حدوث مرض التوحد، و لكن تقترح بعض الدراسات أن السبب هو اضطرابات في تلك الأجزاء من المخ المسئولة عن فهم المعلومات الواردة إليه و عن تفسير اللغة.

عوامل ظهور التوحد

  • مرض التوحد يعتبر من الأمراض التي تصيب الذكور أكثر كثيرًا من الإناث، حيث تبلغ نسبة الإصابة به عند الأطفال الذكور أربعة أضعاف نسبة الإصابة في الإناث.
  •  المستوى الاجتماعي، مستوى التعليم، دخل الأسرة، العوامل الوراثية و العِرقية، كل هذه العوامل ليس لها علاقة بنسبة الإصابة بهذا المرض، فهو يصيب الأطفال من كل الأجناس و من كل المستويات الاجتماعية و المادية على حدٍ سواء.
  • يقال أن نسبة الإصابة بمرض التوحد في ازدياد، و لكنه ليس معروفًا إذا كانت هذه الزيادة حقيقية، أم أنها زيادة ظاهرية ناتجة فقط عن زيادة القدرة على تشخيص هذه الحالات.

التوحد عند الاطفال

يأتي الطفل الى العالم ويبقى في اطار مسئوليات واولويات والديه حتى ينمو ويصبح قادرا على الاعتماد على نفسه. من مسئوليات الوالد والوالدة مراقبة صحة الطفل بشكل دائم وملاحظة اي تغيير قد يحدث له. عندما يتعلق الأمر بمرض التوحد فان اكتشافه في وقت مبكر قد يحدث فرقا كبيرا في استجابة الطفل للعلاج. التوحد عند الاطفال هو مجموعة من الاضطرابات المرتبطة مع مجموعة أساسية مشتركة من الأعراض. عند اكتشاف التوحد في مرحلة الرضاعة والطفولة المبكرة فان ذلك يعني اضطراب في نمو مجموعة من الأمور المهمة للتنمية كالتحدث اللعب والتفاعل مع الآخرين. تختلف علامات وأعراض مرض التوحد بين الاطفال فقد تكون خفيفة وقد تكون حادة في شدتها

انواع مرض التوحد

حتى وقت قريب توصل الخبراء الى أنواع مختلفة من مرض التوحد كاضطراب التوحد و متلازمة اسبرجر وغيرها ويطلق عليها جميعا اضطرابات طيف التوحد. والتي تشمل اضطرابات في الاتصالات طيف التوحد الاجتماعي والتحديات السلوكية . وجميعها تختلف في شدتها وحدتها بين مريض وآخر. ويجب ان نأخذ بعين الأعتبار دائما بان التشخيص المبكر مهم جدا لأن العلاج المبكر يمكن أن يحدث فرقا كبيرا.

  1.  الاضطراب التوحدي : و هو ما يفهمه أغلب الناس عند سماع لفظ “التوحد”، و هو يشير إلى مشكلات التواصل مع الناس و التعبير عن النفس، و الألعاب الخيالية التي يتميز بها الأطفال قبل سن ثلاث سنوات
  2. متلازمة “أسبرجر”: لا يعاني هؤلاء الأطفال من مشكلات في اللغة، كما يحصلون على معدل متوسط أو أعلى من المتوسط في اختبارات الذكاء، لكنهم يعانون من نفس المشكلات الاجتماعية و الاهتمامات المحدودة التي يعاني منها الأطفال المصابون بالاضطراب التوحدي.
  3. التوحد غير التقليدي: يضم هذا النوع الأطفال الذين يعانون من بعض صفات التوحد المتفرقة و لكن لا يمكن ضمهم إلى أي تصنيف معين ويعتبر هذا النوع من انواع مرض التوحد الغير منتشر بكثرة
  4. اضطراب الطفولة غير التكاملية: ينمو هؤلاء الأطفال بشكل طبيعي لمدة عامين على الأقل، ثم يفقدون واحدة أو أكثر من مهارات التواصل و المهارات الاجتماعية التي اكتسبوها، و هي حالة نادرة الحدوث.

يجب تصنيف مرض التوحد حسب التصنيفات التالية:

  • مصحوب بـ/أو غير مصحوب بإعاقة ذهنية
  • مصحوب بـ/أو غير مصحوب بإعاقة لغوية
  • مصحوب بـ/أو غير مصحوب بحالة طبية أو جينية معينة أو عوامل بيئية

اعراض التوحد

  • يعاني الأطفال المصابون بمرض التوحد من مشاكل واضحة في التواصل مع الناس، حيث يكون من العسير عليهم فهم ما يفكر أو يشعر به غيرهم، و بالتالي فإن تعبيرهم عن أنفسهم من خلال الكلمات أو الإشارات أو تعبيرات الوجه يكون أمرًا في غاية الصعوبة.
  • قد يقوم بعض الأطفال المصابون بالتوحد بمجموعة من حركات الجسد النمطية و التكرارية، منها على سبيل المثل : اهتزاز الجسم، المشي بخطوات بطيئة منتظمة ذات إيقاع محدد، و خفق اليدين. عادةً ما يقاوم هؤلاء الأطفال أي تغيير في عاداتهم اليومية أو سلوكياتهم المعتادة.
  • يتميز بعض الأطفال المصابون بالتوحد بسلوك عدواني تجاه الآخرين، و أحيانًا يقومون بسلوكيات عنيفة تجاه أنفسهم أيضًا، فيصيبون أنفسهم بالأذى عمدًا.
  • يُصاب بعضهم كذلك بالتشنجات، و قد يتأخر ظهورها عند البعض حتى فترة المراهقة.
  • تعاني نسبة من المصابين بمرض التوحد بدرجات من قصور الإدراك، و لكن بشكل مختلف عن قصور الإدراك المعروف الذي يتضمن جميع مستويات النمو و التطور العقلي.
  • حيث إن هؤلاء المرضى يعانون من قصور في الإدراك في أشياء معينة دون سواها ، فهم في الغالب لديهم مشكلات في التواصل و التعامل مع الآخرين، لكنهم في الوقت ذاته قد يتمتعون بمهارات جيدة جدًا في مجالات أخرى، مثل الرسم أو عزف الموسيقى أو مهارات الحفظ أو حل المسائل الحسابية. و لهذا السبب يحظى بعضهم بمستوى متوسط أو أعلى من المتوسط في اختبارات الذكاء.
  • تظهر أعراض التوحد في أغلب الحالات خلال الثلاث سنوات الأولى من العمر، بعضهم تظهر عليه الأعراض منذ ميلاده، بينمو ينمو البعض الآخر بصورة طبيعية في البداية ثم تظهر عليه الأعراض بشكل مفاجئ بين سن الثمانية عشر شهرًا و سن السادسة و الثلاثين شهرًا.
  • من اعراض مرض التوحد عند الاطفال ايضا معاناتهم احيانا من وجود صعوبة في التفكير و التصرف بمرونة
  • في النهاية أصبح من المفهوم الآن أن مرضى التوحد لا تظهر عليهم الأعراض إلا حينما يتطلب منهم المجتمع و البيئة المحيطة ما يزيد عن قدراته.

تشخيص التوحد

لا يوجد في الوقت الحالي اختبار طبي يمكنه تشخيص مرض التوحد، و لكن يمكن للأطباء و الأخصائيين النفسيين تشخيص هذا المرض عند طريق مجموعة من التقييمات السلوكية المحددة:

  • عادةً يكون الأب و الأم أول من يلاحظ أن الطفل يقوم ببعض التصرفات غير المعتادة ، مثل عدم القدرة على النظر في عين من يحدثه، و عدم الاستجابة عند مناداته باسمه، أو استخدام بعض الألعاب بطريقة غير طبيعية و بشكل متكرر.
  • هناك قائمة تم إعدادها بواسطة أطباء و أخصائيين عالميين تتضمن مجموعة من الأسئلة التي يتم إعطاؤها للطفل، و يمكن من خلال إجاباته معرفة ما إذا كان هذا الطفل يحتاج أن يُعرَض على طبيب نفسي، أم أخصائي نفسي، أم طبيب أطفال متخصص في مشكلات النمو، أم طبيب أمراض عصبية.
  • لابد من تشجيع الأم و الأب على اختيار الطبيب المناسب الذي يستمع جيدًا و يقوم بتحويل الحالة إلى الطبيب المتخصص في علاجها، ذلك أن بعض الأطباء الذين لم يتعرضوا كثيرًا لحالات من التوحد قد يتسببون في تأخر تشخيص الحالة، و بالتالي تضيع على الطفل فرصة تلقي العلاج المناسب في وقت مبكر.
  • منذ الميلاد و حتى سن السادسة و الثلاثين شهرًا، لابد أن يخضع كل طفل لفحوصات و اختبارات لتقييم النمو بشكل دوري، و إذا لاحظ الطبيب أي مشكلة في نمو الطفل فإنه يقوم بتحويله إلى طبيب متخصص في مشكلات النمو و التدخل المبكر لعلاجها.
  • تتضمن هذه الاختبارات بعض الاختبارات السمعية، إلى جانب الاختبارات التي تم إعدادها لاكتشاف مرض التوحد.
  • يعتمد التشخيص الدقيق لمرض التوحد على وجود فريق من الأطباء المتخصصين، حيث يشمل هذا الفريق طبيب أطفال، و طبيب نفسي، و أخصائي تخاطب.
  •  قد يتم عمل بعض الاختبارات الجينية، و اختبارات لبعض المشكلات الطبية المتعلقة بالمرض، مثل صعوبة النوم.
  • هذه الاختبارات المتكاملة تساهم في مساعدة الوالدين على فهم الكثير عن مميزات طفلهم، و عوامل قوته، و احتياجاته النفسية و الاجتماعية.
  • في بعض الأحيان يتأخر تشخيص مرض التوحد إلى مراحل لاحقة من العمر، عادةً مع ظهور صعوبات في التعلم أو صعوبات اجتماعية مختلفة.
  • تمامًا مثل الأطفال حديثي السن، يتم تشخيص المراهقين و البالغين عن طريق الملاحظة الشخصية، و يتم إجراء مقابلة مع شخص متخصص.
  • عادةً ما يجلب هذا التشخيص المتأخر الكثير من الارتياح لهؤلاء المرضى الذين عانوا لوقت طويل من صعوبات اجتماعية و مشكلات كثيرة دون أن يجدوا لهذه الصعوبات سببًا واضحًا.
  • كما يفتح التشخيص أيضًا بابًا للتدخل العلاجي و استخدام المساعدات التقنية التي تساعد المرضى على تجاوز الصعوبات التي تواجههم، و بالتالي تحسن من نمط الحياة التي يعيشونها.

معايير تشخيص مرض التوحد

اجتمع علماء النفس و أطباء الأمراض النفسية و العصبية، و اتفقوا على خصائص موحدة و معايير ثابتة يعودون إليها عند تشخيص مرض التوحد. و ذلك له أهمية كبيرة و فائدة حقيقية للأطباء، حيث يكون لديهم مرجعية واضحة في التشخيص، فلا يُفلت أحد المرضى دون أن يتم تشخيصه بدقة، فيُحرَم من تلقي العلاج المناسب الذي يقلل من معاناته. و في الوقت نفسه فإن وجود هذه المعايير يحمي من خطر تشخيص أحد الأطفال خطأً بأنه مصاب بمرض التوحد و هو غير مصاب بالمرض، أو مصاب بمرض نفسي آخر مشابه له. و فيما يلي نستعرض معايير تشخيص مرض التوحد المتفق عليها تفصيلاً.

خلل مستديم في مهارات التواصل و التفاعل الاجتماعي، قد يظهر بأحد الطرق التالية

يتم تقييم حدة المرض اعتمادًا على درجة الإعاقة الاجتماعية التي يواجهها الطفل و السلوك المتكرر له. عجز عن التبادل العاطفي و الاجتماعي، على سبيل المثال الأساليب غير الطبيعية في التعامل، عدم القدرة على تبادل الأحاديث و الحوارات، عدم مشاركة الاهتمامات أو المشاعر، و عدم القدرة على بدء التفاعل الاجتماعي أو الاستجابة له.

عدم القدرة على استخدام المهارات غير اللغوية في التواصل الاجتماعي و التعاملات، على سبيل المثال

الانفصال بين مهارات التواصل اللغوي و غير اللغوي، و عدم القدرة على النظر في عين المتحدث، و تعبيرات الجسد غير الطبيعية، و صعوبة فهم و استيعاب الإشارات و استخدامها، و قد يصل ذلك إلى غياب تام لتعبيرات الوجه و التواصل غير اللغوي.

مشكلات في إنشاء العلاقات الاجتماعية و الحفاظ عليها و استيعابها

على سبيل المثال صعوبات في تعديل السلوك حتى يتناسب مع السياق الاجتماعي المتنوع، و صعوبات في مشاركة الألعاب مع الآخرين، و صعوبة تكوين صداقات، و عدم الاهتمام بالأقران على الإطلاق.

الأنماط المحدودة و المتكررة من السلوك، أو الاهتمامات أو الأنشطة، و تظهر هذه الأنماط على هيئة اثنتين أو أكثر من القائمة التالية:

  1. الحركات الجسدية النمطية أو المتكررة، أو استخدام الأدوات بشكل متكرر، أو تكرار بعض الكلمات، قد يظهر ذلك مثلاً عن طريق اصطفاف الألعاب بشكل معين، أو قلب الأشياء، أو تكرار الكلمات بعد سماعها
  2. التصميم على التماثل، أو الالتزام بروتين معين بشكل خالٍ من المرونة، أو الالتزام بأنماط معينة من السلوك بشكل اعتيادي متكرر، و يظهر ذلك في التوتر العصبي الشديد عند حدوث أي تغيير بسيط، و التفكير النمطي غير المرن، و آداء التحية بشكل ثابت، و الاحتياج للمشي في طريق معين أو تناول طعام بعينه كل يوم.
  3. الاهتمامات المقيدة و الثابتة، و التي تكون غير طبيعية في شدتها أو درجة التركيز فيها، مثل الارتباط الشديد أو الانشغال التام بأدوات غريبة، أو الاهتمامات المحددة بشكل زائد عن الحد الطبيعي.
  4.  الاستجابة بشكل محدود جدًا أو الاستجابة بشكل مبالغ فيه للمؤثرات الحسية، أو الاهتمام غير الطبيعي ببعض الجوانب الحسية في البيئة المحيطة، على سبيل المثال عدم التأثر بالألم أو بالحرارة بشكل واضح و ملفت للانتباه، أو ردود أفعال معاكسة عند سماع أصوات معينة أو لمس أشياء معينة، أو تكرار لمس الأشياء أو تشممها بشكل مبالغ فيه، أو الافتتان البصري بالأضواء أو الحركات.

هل تظهر جميع الأعراض على مريض التوحد

  • لابد أن تكون الأعراض ظاهرة منذ فترة النمو الباكرة، و لكنها من الممكن ألا تظهر بوضوح تام حتى يتعرض الطفل لتحديات اجتماعية تتجاوز قدراته المحدودة، و قد لا تتضح بسبب ما يتعلمه الطفل من مهارات و ما يكتسبه من خبرات في حياته لاحقًا.
  • لابد أن تتسبب الأعراض في إعاقة حقيقية على المستوى الاجتماعي أو الوظيفي أو غيرها من المستويات الهامة التي تتعلق بوظائف الإنسان.
  • من الشروط الواجب توافرها في الاضطرابات التي يعاني منها الطفل أنها لا يمكن تفسيرها بوجود إعاقة عقلية، أو وجود تأخر عام في جميع مستويات النمو.
  • في أحيان كثيرة يجتمع مرض التوحد مع وجود إعاقة ذهنية في الوقت ذاته، و حتى يتم تشخيص مرض التوحد في حالة وجود إعاقة ذهنية، لابد أن يتم تقييم مهارات التواصل الاجتماعي على مستوى أقل من المتوقع بالنسبة لمستوى نمو المهارات الطبيعي.

علاج مرض التوحد

عادةً ما يكون علاج مرض التوحد علاجًا قويًا و متكاملاً، يتضمن أسرة الطفل المصاب بالكامل، و فريقًا من المتخصصين المحترفين. بعض البرامج يتم تطبيقها في المنزل، حيث يتم تنفيذها بمساعدة أخصائيين و معالجين مدربين، و قد تتضمن تدريبًا لأحد الوالدين حتى يعمل كمعالج لطفله تحت إشراف أحد المتخصصين بعض البرامج تتم عن طريق مركز مختص، أو في الفصول الدراسية. و ليس من المعتاد أن تختار الأسرة أن تجمع بين أكثر من طريقة في علاج طفلها. أساليب العلاج كثيرة جدًا و متنوعة، و يكون أغلبها معقدًا للغاية، و يتم اختيار الأساليب المناسبة للعلاج حسب المشكلات و الأعراض التي يعاني منها كل طفل.

علاج الأعراض الأساسية للتوحد

تستخدم معظم الأسر نوعًا واحدًا من العلاج المكثف الذي يتناسب مع احتياجات الطفل، ومع أسلوب الحياة التي يعيشها الوالدان ، و يحتاج هذا العلاج المكثف إلى العديد من الساعات أسبوعيًا، و يقصد إلى أهداف سلوكية و تعليمية و تنموية متعددة. و يتم إعادة تقييم الأساليب المتبعة مع الطفل بشكل دوري لتعديلها أو التأكد من تناسبها مع احتياجات الطفل. و أيًا كان الأسلوب الذي يتم اتباعه ، فإن الوالدين لابد أن يعرفا أنهما يلعبان الدور الأساسي في نجاح هذا الأسلوب عن طريق تنفيذه بشكل سليم و مراعاة مشكلات طفلهما و التحديات التي يواجهها. كما تكون كفاءة و خبرة و أسلوب المعالج أيضًا من أكبر العوامل التي تساهم في إنجاح العلاج.

تحليل السلوك التطبيقي

منذ ستينات القرن الماضي تم استخدام تحليل السلوك التطبيقي من قبل مئات المعالجين من أجل تعليم التواصل و اللعب و الدراسة و العمل و أساليب العناية بالنفس، و الحد من المشكلات التي يعاني منها مرضى التوحد. أثبتت العديد من الدراسات و الأبحاث أن استخدام تحليل السلوك التطبيقي نتج عنه تحسين نتائج العلاج بشكل ملحوظ، و خاصة فيما يتعلق بالقدرات الذهنية و اللغة. و يتم تنفيذ هذا الأسلوب العلاجي على ثلاث خطوات :

  1. الحدث الاستباقي: هو حافز لفظي أو جسدي، مثل أمر أو طلب، قد يصدر من البيئة المحيطة أو من شخص آخر، أو قد يكون داخليًا من الشخص ذاته.
  2. السلوك الناتج: و هو استجابة الشخص ( الطفل في هذه الحالة ) أو عدم استجابته للحدث الاستباقي.
  3. العاقبة: و هي تعتمد على السلوك، و قد تكون تعزيزًا إيجابيًا للسلوك المرغوب فيه ، أو عدم وجود استجابة، أو استجابة غير سليمة.

يهدف تحليل السلوك التطبيقي إلى تعلم المهارات و تقليل التحديات، و يكون البرنامج على مستوى عالٍ من الحرفية و التنظيم، و له منهج محدد. يتم تقسيم كل مهارة إلى خطوات صغيرة، و يتم تعليمها عن طريق التحفيز و المكافأة مثل المدح اللفظي أو قطعة من الحلوى.

برنامج تدريب الأطفال المصابين بالتوحد

يعتمد هذا البرنامج على ما يعرف بـ “ثقافة التوحد”، و هي الصعوبات و نقاط القوة التي يتشاركها المصابون بالتوحد ولها علاقة بالطريقة التي يتعلمون بها، و يهدف ذلك إلى التركيز على نقاط القوة، و تذليل الصعوبات التي يواجهونها. و يتم وضع خطة تعليم خاصة لكل طفل حسب احتياجاته الخاصة، و يتم تنظيم البيئة الاجتماعية و المادية بمساعدة المؤثرات البصرية لتساعد الطفل على استيعاب الأنشطة اليومية، و من ثم الاستجابة لها بطريقة سليمة.

الاستجابة المحورية

هو نموذج للعلاج السلوكي تم وضعه على قواعد تحليل السلوك التطبيقي، و يتم استخدامه من أجل تعليم اللغة، و الحد من السلوك المدمر للذات، و زيادة التواصل الاجتماعي، و مهارات التعلم، و ذلك عن طريق التركيز على السلوكيات المحورية التي تؤثر على عدد كبير من السلوكيات الأخرى. الهدف الأساسي من هذا العلاج هو إحداث مجموعة من التغيرات الإيجابية في السلوكيات المحورية، مما يؤدي إلى تحسين مهارات التواصل و اللعب و السلوكيات الاجتماعية، و زيادة قدرة الطفل على مراقبة سلوكه الشخصي.

السلوك اللفظي

هو علاج سلوكي آخر تابع لقواعد تحليل السلوك التطبيقي، و يستخدم هذا العلاج لتعليم اللغة و تقويم السلوك، اعتمادًا على ما يُعرف بـ”تحليل سكينر”، و هو يفترض أن كل اللغات يمكن أن يتم تجميعها على شكل عدة وحدات، كل وحدة تؤدي وظيفة محددة، و يتم استخدامها بطريقة معينة لتدريب الطفل و تعليمه تم تصميم هذا العلاج لتحفيز الطفل على تعلم اللغة من خلال الربط بين الكلمة و قيمتها.

نموذج دينفر للبداية المبكرة

هو علاج تطويري قائم على العلاقات، يستخدم وسائل التعليم القائمة على تحليل السلوك التطبيقي. يهدف هذا العلاج إلى تعزيز المكتسبات الاجتماعية و المعرفية و مهارات اللغة عند الأطفال الصغار المصابين بالتوحد و تقليل التصرفات غير الطبيعية المرتبطة بهذا المرض، و يناسب الأطفال منذ سن عام واحد، و خلال مرحلة ما قبل المدرسة. يغطي منهج العلاج جميع مستويات النمو : المهارات العقلية و اللغة و السلوك الاجتماعي و المهارات الحركية و سلوكيات التكيف. لابد للمعالج أن يركز على السلوكيات التي تجذب انتباه الطفل و تحفزه للتفاعل الاجتماعي، حيث يستخدم الأنشطة الممتعة للطفل كوسط للعلاج، واكتساب مهارات التواصل اللفظية و غير اللفظية. أثبتت الدراسات أن استخدام نموذج دينفر للبداية المبكرة يساهم في رفع معدل الذكاء و تحسين اللغة و المهارات الاجتماعية و مهارات التكيف.

طابق الوقت

هو طريقة علاجية خاصة، تعتمد على قدرة الشخص البالغ على مساعدة الطفل في توسيع دائرة التواصل الخاصة به، و ذلك عن طريق النزول إلى مستواه و التركيز على نقاط قوته. عند تنفيذ هذه الطريقة يكون الوالدان مطالبين بمشاركة الطفل في أنشطته، و دفعه إلى أنشطة أكثر تعقيدًا، و التركيز على النمو العاطفي له.

علاج الأعراض المصاحبة للتوحد

علاج مشكلة اللغة

يتم تقييم مستوى اللغة عند الطفل، و تنفيذ برنامج خاص حسب حالته، قد يصل به إلى تواصل سليم وطبيعي باللغة، وقد لا يتعلم إلا التواصل بالإشارة.

العلاج الوظيفي

و هو يجمع العلاج العقلي و الجسدي و الحركي معًا ليساعد المريض على الاعتماد على نفسه في أنشطة حياته اليومية.

العلاج الاجتماعي

لتحسين مهارات التواصل اللفظي وغير اللفظي.

العلاج الجسدي

حيث يعاني بعض مرضى التوحد من صعوبات في المشي أو الجلوس و يحتاجون علاجًا للعضلات و تحسين التوازن.

العلاج السمعي

للأطفال الذين يعانون من مشكلات في فهم الأصوات و تفسيرها.

و هكذا، تختار الأسرة البرنامج المناسب لعلاج طفلها حسب احتياجاته و قدراته و ظروف الأسرة، مع إضافة البرامج المناسبة لعلاج الأعرض المصاحبة للمرض حسب الصعوبات التي يعاني منها كل طفل.