محتويات الصفحة
البواسير هي الأوعية الدموية المتمددة في أسفل المستقيم (الجزء الأخير من الأمعاء الغليظة)، وهي واحدة من أشهر أمراض منطقة الشرج، لدرجة أن المرضى والأطباء على السواء يعتبرونها مباشرة السبب في أي أعراض يحس بها المريض في هذه المنطقة، مثل الألم أو النزيف، بينما قد تكون الأعراض بسبب أمراض أخرى أكثر خطورة. وتصيب البواسير حوالي أربعة في المائة من مجموع الأشخاص. ومنطقة أسفل المستقيم غنية جدا بالأوعية الدموية، كما أنها منطقة حساسة. وبسبب هذه الحساسية، فإن الكثيرين من المرضى يترددون كثيرا قبل أن يستشيروا الطبيب بخصوصها، مما يرجح أن معدل انتشار هذا المرض ربما يكون أكثر مما هو مسجل بالفعل في الدراسات العلمية. وتتكون البواسير من خليط من الأنسجة يشمل الأوردة والشرايين الصغيرة وبعض العضلات والأنسجة الضامة والبطانة الداخلية للقناة الشرجية. وتقسم البواسير إلى نوعين، خارجية وداخلية، حسب مكان تواجدها في القناة الشرجية.
أسباب البواسير
يعتقد أن البواسير ربما تنتج عن الأسباب الآتية:
- الوجبات قليلة الألياف ينتج عنها كمية براز أقل، مما يتسبب في الإمساك، ويحتاج المريض إلى الحزق أثناء التبرز، الذي يضغط على الأوردة ويؤدي إلى انتفاخها لقلة تصريف الدم منها.
- كما أن طول الجلوس على المرحاض، لقراءة الصحف مثلا، يمكن أن يضغط أيضا على الأوردة، ويؤدي إلى نفس النتيجة.
- وكذلك التعود على حمل الأشياء الثقيلة.
- ونفس الشيء يحدث أثناء الحمل، بسبب ضغط الرحم على الأوردة في منطقة الحوض فتظهر البواسير، إلا أن الأمور تعود إلى طبيعتها عادة بعد الولادة.
- ومع تقدم العمر يحدث ضعف في العضلات في منطقة الحوض، ويؤدي ذلك إلى هبوط الأنسجة كما وضحنا سابقا وظهور البواسير.
- وهناك حالات تنتشر في العديد من أفراد العائلة الواحدة، وربما كان ذلك راجعا لأسباب وراثية.
- ومن الأسباب المحتملة للبواسير ارتفاع الضغط في الوريد البابي، كما يحدث في أمراض الكبد المزمنة وهبوط القلب الاحتقاني.
- وهناك أسباب أخرى تشمل الإسهال المزمن، وأورام القولون، والسمنة، وأمراض الحبل الشوكي التي تؤدي إلى شلل العضلات في منطقة الحوض، وجراحات المستقيم، وممارسة الجنس عن طريق الشرج.
تغيرات في القناة الشرجية في مريض البواسير
تظهر أعراض البواسير عند تمدد أو تورم أو التهاب الأوعية الدموية في القناة الشرجية، أو تجلط الدم بداخلها، أو هبوطها وبروزها إلى الأسفل. وتؤدي هذه التغيرات إلى الشد الزائد على العضلات الداعمة للمستقيم، وبالتالي إلى هبوط جدار المستقيم وبروز أجزاء منه داخل القناة الشرجية. وينتج عن هذه الأنسجة المتضخمة والهابطة، من الأوعية الدموية والعضلات وجدار المستقيم، انسداد جزئي في قناة الشرج، وتصبح هذه الأنسجة قابلة للجرح والنزيف بسهولة عند التبرز، خاصة إذا كان البراز شديد الصلابة. ويكون الدم الذي ينزف من البواسير أحمر ساطعا، مما يرجح أنه خارج من الشرايين وليس من الأوردة، فالدم الشرياني يكون ساطعا لتشبعه بالأكسجين، بينما يكون الدم الوريدي داكنا لقلة تركيز الأكسجين به.
أعراض البواسير
- الحكة في منطقة الشرج وما حولها.
- الألم في نفس المنطقة.
- النزيف.
- بروز البواسير إلى خارج الشرج.
- الأعراض المصاحبة للبواسير، وأعراض الأمراض المسببة لها، مثل الإمساك أو الإسهال المزمن، وآلام البطن، وفقدان الوزن، وطول الجلوس على المرحاض، وكثرة حمل الأشياء الثقيلة، وطبيعة الوجبات الغذائية، ووجود المرض عند أفراد آخرين من عائلة المريض، كل ذلك لابد من السؤال عنه بعناية أثناء أخذ التاريخ المرضي.
تشخيص البواسير
يحتاج الطبيب إلى مناظرة منطقة الشرج جيدا عند فحص مريض البواسير، إلى جانب فحص الشرج والمستقيم بإصبعه، ويجب كذلك فحص البروستاتا في الذكور أثناء الفحص بالإصبع. وقد يحتاج الطبيب كذلك إلى فحص الشرج والمستقيم والقولون بالمنظار. وينتج عن هذه الفحوص ملاحظة العلامات المرضية التالية:
- الأوعية الدموية الزرقاء للبواسير، والأنسجة الهابطة والمتدلية معها، والتي قد تؤلم المريض عند ملامستها أو الضغط عليها أثناء الفحص. وتقسم درجة شدة البواسير إلى أربع درجات حسب درجة بروزها وهبوطها أثناء التبرز، وعودتها أو عدم عودتها إلى مكانها الطبيعي بعد التبرز، أو هبوطها تلقائيا واستمرارها في مكانها بعد الهبوط، ومدى إمكانية إعادتها إلى مكانها بدفعها بالأصابع إلى الداخل.
- ندبات جلدية حول الشرج.
- آثار الحكة حول الشرج.
- قد يلاحظ وجود شرخ شرجي أو ناسور أو خراج حول الشرج.
- قد يؤدي الفحص بالمنظار إلى اكتشاف أمراض أخرى، مثل تقرحات والتهابات القولون المزمنة، وأورام القولون والمستقيم. وهذه الأمراض أشد خطورة من البواسير وتحتاج إلى علاج مختلف، لذا كان من الضروري استبعادها أثناء فحض المريض الذي يعتقد إصابته بالبواسير.
الفحص بالمنظار
يحتاج مريض البواسير إلى الفحص بالمنظار للقناة الشرجية والمستقيم والقولون في الحالات الآتية:
- إذا كان النزيف الموجود مختلفا عن النزيف التقليدي المعتاد في حالات البواسير.
- وجود أعراض الالتهابات والتقرحات المزمنة للقولون، مثل تناوب الإسهال والإمساك من وقت لآخر وآلام البطن وعسر الهضم وانتفاخ البطن وفقدان الوزن.
- إذا كان هناك احتمال لوجود أمراض أخرى خاصة أورام القولون والمستقيم، والتي تزيد فرصة الإصابة بها مثلا في المدخنين، وعند الذين يتناولون كميات كبيرة من المشروبات الكحولية، وكبار السن، وفي حالات السمنة، ومرضى السكري، وفيمن لديهم تاريخ عائلي للإصابة بسرطان القولون.
التحاليل المعملية
من المفيد لتقييم الحالة الصحية العامة لمريض البواسير إجراء التحاليل المعملية الآتية:
- صورة دم كاملة، لدراسة كرات الدم الحمراء والبيضاء والصفائح الدموية. وقد ينتج فقر الدم من الفقدان المتكرر للدم من البواسير على فترات طويلة ولكن فقر الدم في هذه الحالات لا يكون شديدان وإن كان شديدا يجب البحث عن سبب آخر له غير البواسير.
- اختبارات تجلط الدم والنزيف.
- فحص وظائف الكبد والكلى.
علاج البواسير
القاعدة العامة هي عدم التدخل العلاجي في مريض البواسير إلا إذا كان المريض يشكو منها، مهما كانت تبدو قبيحة أو شديدة في نظر الطبيب. وتتلخص الوسائل العلاجية للبواسير فيما يلي:
- الوسيلة الأولى في جميع المرضى هي زيادة الوجبات التي تحتوي على كمية كبيرة من الألياف، كالخضروات والفواكه، وزيادة شرب السوائل.
- ومما يساعد المريض أيضا استخدام الأدوية الملينة، والجلوس في حوض دافئ مع العناية بنظافة منطقة الشرج مرتين أو ثلاث مرات يوميا، واستخدام الدهانات المسكنة للألم حول منطقة الشرج، واستخدام الأقراص المسكنة للألم عند الحاجة أيضا. وفي بعض الحلات يمكن استخدام الدهانات المحتوية على الكورتيزون لفترات محدودة لتخفيف حدة الالتهابات الموجودة.
- وربما كان من المفيد استخدام الأدوية المقوية للأوعية الدموية.
وإذا لم تتحسن شكاوى المريض بهذه الإجراءات خلال شهر، يمكن حينئذ التدخل بأحد الوسائل التالية:
- ربط البواسير بالغرز الجراحية في العيادة الخارجية باستخدام مخدر موضعي.
- حقن البواسير بمواد تؤدي إلى تليفها وتصلبها.
- استخدام الأشعة تحت الحمراء التي تؤدي إلى تجلط الدم داخل الأوعية الدموية للبواسير ومن ثم تليفها وتصلبها.
- ويمكن تحقيق نفس النتائج التي تحققها الأشعة تحت الحمراء باستخدام أشعة الليزر.
- وهناك وسيلة حديثة تتلخص في ربط الشرايين المغذية للبواسير عن طريق الشرج، مع الاستعانة بأجهزة الموجات فوق الصوتية والدوبلر لتحديد مكان تلك الشرايين بدقة.
- استئصال البواسير جراحيا داخل غرفة العمليات يستخدم في حالات البواسير الشديدة، وفي حالات البواسير المصحوبة بأمراض أخرى تحتاج إلى التدخل الجراحي، مثل الشرخ الشرجي أو الناسور الشرجي. كما يمكن الاستئصال الجراحي بناء على رغبة المريض الذي يفضل الانتهاء من المشكلة كليا وفي وقت سريع. ويحتاج حوالي 5-10 % من مرضى البواسير إلى هذا التدخل الجراحي، بينما يعالج الباقون بالوسائل الأبسط المذكور آنفا.
متابعة مرضى البواسير بعد الجراحة
يمكن خروج المريض من المستشفى بعد استئصال البواسير بوقت قصير، ما دامت لا توجد مضاعفات جراحية، حيث ينصح بالاستراحة بالمنزل لبضع ساعات يبدأ بعدها بالجلوس في أحواض الماء الدافئ مرتين أو ثلاث مرا كل يوم. ويحتاج المريض عادة إلى دواء ملين لمنع الإمساك وربما احتاج إلى مسكنات موضعية أو أقراص مسكنة للألم. ويجب عودة المريض للفحص بواسطة الطبيب بعد يومين أو ثلاثة أيام. وبعد ذلك ينصح المريض بفحص دوري على فترات مناسبة حتى يتم الالتئام التام للجرح.
نوبات البواسير الحادة
نوبات البواسير الحادة نادرة الحدوث وتستدعي التدخل الفوري، الذي يمكن إجراؤه في قسم الطوارئ. وتنتج هذه النوبات من هبوط البواسير الداخلية كبيرة الحجم وتدليها من الشرج، فتنقبض عضلات الشرج حولها، وتؤدي إلى اختناقها وتورمها وتجلط الدم بداخلها. وينتج عن هذا ألم حاد وشديد، ويمكن حينئذ التدخل الفوري في قسم الطوارئ لاستئصال البواسير جراحيا تحت مخدر موضعي، مما يؤدي إلى تحسن سريع للألم.
الوقاية من البواسير
ينصح المرضى على المدى الطويل بما يلي:
- تجنب الإمساك، واستخدام دواء ملين عند اللزوم.
- تجنب السمنة والمحافظة على الوزن المثالي.
- تجنب الجلوس على المرحاض لفترات طويلة.
- تجنب الجلوس لفترات طويلة على كرسي في مكان العمل، والقيام من الكرسي والحركة كل فترة.
- المحافظة على نظافة منطقة الشرج باستمرار.