محتويات الصفحة
ضغط الدم هو الضغط الذي يحدثه الدم على جدران الشرايين أثناء سريانه فيها. ويتم التعبير عن ضغط الدم برقمين، أو رقم مكون من بسط ومقام. أما البسط فيمثل ضغط الدم أثناء انقباض القلب (الضغط الانقباضي)، حيث يدفع القلب بالدم إلى الشريان الأبهر بقوة، ويكون الضغط في أعلى مستوى له. وأما المقام فيمثل ضغط الدم أثناء انبساط القلب (الضغط الانبساطي)، حيث يكون الضغط في أقل مستوى له. ووحدة قياس ضغط الدم هي الملليمتر الزئبقي (مم زئبق). فإذا قلنا مثلا إن ضغط الدم 80/120 فمعنى هذا أن الضغط الانقباضي 120 مم زئبق وأن الضغط الانبساطي 80 مم زئبق. وهكذا يتغير ضغط الدم مع كل نبضة من نبضات القلب، صعودا وهبوطا، مع الانقباض والانبساط.
ويتوقف ضغط الدم على عدة عناصر أهمها:
- قوة عضلة القلب
- قطر الشرايين التي يسري بها الدم
- كمية الدم داخل تلك الشرايين
ما هو ضغط الدم الطبيعي؟
لقد لوحظ أنه بصورة عامة، كلما زاد ضغط الدم زادت نسبة الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، ونسبة حدوث المضاعفات من هذه الأمراض. ولا يعرف على وجه الدقة ما هو ضغط الدم المثالي، مما يجعل التعريف الدقيق لأمراض مثل “ارتفاع ضغط الدم” أو “انخفاض ضغط الدم” مسألة شاقة ومحيرة.
وبالرغم من تلك الصعوبة في التعريف العلمي الدقيق، فإنه يسود الاعتقاد حديثا أنه لكي يكون الإنسان في أحسن حالة صحية، يجب أن يكون ضغط الدم الانقباضي أقل من 120 مم زئبق، وضغط الدم الانبساطي أقل من 80 مم زئبق.
أما الحد الأدنى لضغط الدم الطبيعي فإن تعريفه كذلك غير محدد علميا على وجه الدقة، إلا أن الاعتقاد السائد هو أن الحد الأدنى الطبيعي للضغط الانقباضي هو 90 مم زئبق وللضغط الانبساطي هو 60 مم زئبق. وفي حالة انخفاض الضغط عن هذه الحدود فإنه قد تنتج آثار سلبية على صحة الإنسان.
أسباب انخفاض ضغط الدم
على عكس مرض ارتفاع ضغط الدم، الذي لا نستطيع تحديد سبب واضح له عند معظم المرضى، فإن أسباب انخفاض ضغط الدم عادة ما تكون واضحة في معظم الحالات.
أمراض القلب
فقد ينتج انخفاض ضغط الدم من أمراض القلب. وتشمل هذه الأمراض ضعف عضلة القلب، فلا تعود قادرة على دفع الدم بالقوة الكافية، فيقل نتاج القلب، وهو مقدار ما يدفعه القلب من الدم إلى الشريان الأبهر في كل دقيقة، فينخفض بذلك ضغط الدم. وينتج ضعف عضلة القلب من أمراض القلب المتعددة، كمرض قصور الشرايين التاجية، وأمراض التهابات عضلة القلب نفسها، وترسبات المواد الغريبة بداخلها، وأمراض صمامات القلب وغيرها. وقد ينتج انخفاض الضغط من اختلال نظم القلب المصحوب بالسرعة الشديدة أو البطء الشديد لنبضات القلب.
قلة كمية الدم داخل الشرايين
قد يكون انخفاض ضغط الدم بسبب قلة كمية الدم داخل الشرايين، نتيجة فقدان الدم نفسه بكل مكوناته بالنزيف، كما يحدث في حالات الحوادث مثلا، أو فقدان بلازما الدم كما يحدث في حالات الحروق، أو فقدان السوائل فقط من الدم كما يحدث في حالات الجفاف الشديد. وينتج الجفاف عن الإسهال والقيء كما في حالات النزلات المعوية الشديدة، وكذلك من العرق الشديد عند التعرض للجو شديد الحرارة مثلا.
تمدد الشرايين
وقد يكون انخفاض ضغط الدم ناتجا عن تمدد الشرايين، واتساع قطرها بشكل مؤثر، مما يجعل كمية الدم الموجودة بها غير قادرة على ملء الفراغ بشكل كامل، فينخفض بذلك ضغط الدم، رغم وجود كمية طبيعية من الدم داخل تلك الشرايين. وتحدث هذه الحالات الأخيرة لأسباب كثيرة. فمن هذه الأسباب الالتهابات الميكروبية الشديدة في أي مكان بالجسم كالرئتين مثلا أو المسالك البولية أو جروح الجلد الشديدة. فالميكروبات تفرز بعض المواد السامة التي تؤثر على جدران الشرايين، وتشل العضلات الموجودة بها، فيتسع الشريان نتيجة الانبساط الشديد لهذه العضلات، والتي لا تعود قادرة على الاحتفاظ بالقدر الكافي من القوة العضلية، التي تحافظ بها على قطر الشريان في الحدود الطبيعية. وبعض هذه الحالات تكون شديدة الخطورة وقد تقضي على حياة المريض.
الحساسية الشديدة
وقد يحدث نفس التأثير من حالات الحساسية الشديدة، التي يتم فيها إفراز مواد موسعة للشرايين، مثل مادة “هستامين”، فتتسع الشرايين بصورة شديدة ومفاجئة، وينخفض ضغط الدم. وقد تكون هذه الحالات شديدة الخطورة أيضا وتفضي إلى الوفاة.
اضطرابات هرمونية
قد يكون انخفاض ضغط الدم ناتجا عن اضطرابات هرمونية، كما يحدث مثلا أثناء الحمل، وفي حالات قصور وظيفة الغدد فوق الكلوية، وحالات الانخفاض الشديد للسكر بالدم في مرضى السكري، وغير ذلك.
فقر الدم
يمكن أن يؤدي فقر الدم الشديد (مرض الأنيميا) إلى انخفاض ضغط الدم، كما في حالات النقص الشديد للحديد أو فيتامين ب 12 أو حمض الفوليك.
العقاقير
وأخيرا قد تتسبب بعض العقاقير في انخفاض ضغط الدم، كالجرعات الكبيرة من العقاقير المستخدمة في علاج ارتفاع ضغط الدم، وبعض الأدوية المستخدمة في علاج تضخم البروستاتا، والمنشطات الجنسية، وبعض الأدوية المستخدمة في علاج مرض الشلل الرعاش، وبعض الأدوية المضادة للاكتئاب، وغير ذلك من العقاقير.
وهناك حالات لانخفاض ضغط الدم مرتبطة بأوضاع معينة: مثل انخفاض ضغط الدم عند الوقوف، خاصة إن كان مفاجئا، أو انخفاضه بعد الوجبات. وفي الأشخاص الأصحاء يستطيع الجسم بسرعة التكيف مع الوضع الجديد، عن طريق التحكم في معدل نبض القلب، وقوة انقباض عضلة القلب، وتغيير قطر الشرايين حسب الحاجة، وبالتالي لا يحدث انخفاض في ضغط الدم، ولا يشعر الشخص بأي أعراض.
وربما يعجز الأطباء تماما عن التوصل إلى سبب انخفاض ضغط الدم، مهما أجريت للمريض من فحوص طبية، ويسمى المرض في هذه الحالة: “انخفاض ضغط الدم الأولي”.
أعراض انخفاض ضغط الدم
يمكن أن يؤدي انخفاض ضغط الدم إلى بعض الأعراض مثل:
- الدوخة
- فقدان الاتزان
- الفقدان الكامل للوعي
- قلة التركيز
- اضطراب الإبصار
- الغثيان
- الإعياء الشديد
وهذه إلى جانب أعراض المرض الأصلي الذي تسبب في انخفاض ضغط الدم.
وإذا كان انخفاض ضغط الدم شديدا ربما وصل الأمر إلى درجة الصدمة، والتي يحدث فيها قصور شديد في إمداد الأعضاء المختلفة باحتياجاتها من الدم. وإن لم يتم التدخل الفوري بالعلاج المناسب والمركز، نتج عن هذا تلف سريع في الأعضاء الحيوية على وجه الخصوص مثل القلب والمخ والكليتين، وربما انتهى الأمر باحتشاء حاد (تلف بالأنسجة) في المخ أو عضلة القلب، أو فشل كلوي حاد، أو فشل كبدي حاد. ويعتمد مصير المريض في مثل هذه الحالات على حالته الصحية سابقا، ومدى الاحتياطي المتوفر في أعضاء الجسم المختلفة، ومدى قدرة هذه الأعضاء على تكاثر خلاياها لتعويض التلف الذي حدث، وإلا انتهى الأمر بالوفاة. وتحتاج هذه الحلات عادة إلى العلاج في وحدات الرعاية المركزة نظرا لخطورتها.
تشخيص الحالة
مثل كل الأمراض يعتمد التشخيص على الحالة الإكلينيكية، التي تشمل الأعراض التي يشكو منها المريض والعلامات المرضية التي يلاحظها الطبيب، وكذلك على نتائج الفحوص الطبية المختلفة.
وقد يحتاج الأمر إلى إجراء فحوص طبية كثيرة، مثل التحاليل المعملية لصورة الدم ونسبة السكر بالدم ووظائف الكلى والكبد وأملاح الدم ونسبة الأكسجين بالدم، وإجراء المزارع من الدم، أو من الإفرازات الأخرى كالبول والبصاق وغيره، لعزل الميكروبات ومعرفة المضادات الحيوية المؤثرة عليها … الخ.
كما قد نحتاج إلى إجراء فحوص خاصة بأمراض القلب مثل تخطيط القلب الكهربائي، وفحص القلب بالموجات فوق الصوتية، أو إجراء الفحص بالأشعة العادية أو الأشعة المقطعية، وكل ذلك لتشخيص السبب الذي أدى إلى انخفاض ضغط الدم، مما يمكننا من علاجه.
الوقاية من انخفاض ضغط الدم
تعتمد الوقاية من الأمراض عموما على تجنب أسبابها.
وبالتالي فإنه يمكن تجنب انخفاض ضغط الدم بالتشخيص المبكر والعلاج الناجح لأمراض القلب عموما، والسيطرة على الأمراض التي تؤثر على كفاءة القلب مثل ارتفاع ضغط الدم ومرض السكري وارتفاع الدهون والكولسترول بالدم واختلال نظم القلب والتدخين.
ويقتضي هذا المحافظة على صحة القلب والأوعية الدموية بالاعتدال في الحياة وفي المأكل والمشرب وممارسة الرياضة.
كما نتجنب انخفاض ضغط الدم بالسيطرة على النزيف، وشرب الكميات الكافية من السوائل لمنع الجفاف، والعلاج الفوري للالتهابات الميكروبية وأمراض الحساسية والنزلات المعوية والحروق، وكذلك الاستخدام الرشيد للعقاقير تحت إشراف الطبيب المختص، إلى آخر كل ذلك.
علاج انخفاض ضغط الدم
إلى جانب علاج الأسباب كما سبق بيانه، نحتاج أيضا في كثير من الأحيان إلى التدخل لتحسين ضغط الدم انتظارا للسيطرة على المرض الأصلي. ونحن بهذا التدخل إنما نشتري وقتا نتمكن فيه من إتمام العلاج. فربما احتاج علاج المرض الأصلي إلى وقت طويل، ولابد في هذه الحالات من المحافظة على حياة المريض لحين الشفاء.
ومن أهم ما يستخدم لرفع ضغط الدم ما يلي:
- نقل الدم لتعويض الفاقد في حالات النزيف.
- تعويض البلازما والسوائل في حالات الحروق والجفاف.
- الأدوية التي تقوي عضلة القلب في حالات ضعفها.
- الأدوية التي تحسن من كفاءة الأوعية الدموية، وتساعد على انقباضها، لرفع ضغط الدم.
وربما احتاج المرضى الذين يعانون من انخفاض ضغط الدم بعد الوجبات إلى تجنب القيام بمجهود، وتجنب المشي بعد الوجبات، حتى يشعر المريض بأنه في حالة توازن طبيعية، وأنه قادر على القيام بما يحتاج إليه. كما ينصح هؤلاء المرضى بتجنب الوجبات الكبيرة، وتناول وجبات صغيرة ومتكررة على مدار اليوم، وكذلك الإقلال من تناول الأغذية النشوية والسكرية مثل البطاطس والأرز والمكرونة والخبز والحلويات.
علاج انخفاض ضغط الدم الأولي
أما في حالات انخفاض ضغط الدم الأولي، فقد لا يحتاج المريض إلى العلاج إذا لم يكن يشكو من أية أعراض أو كانت الأعراض بسيطة ومحتملة.
أما إذا كانت الأعراض مؤثرة ولا يستطيع المريض تحملها فيمكن في هذه الحالات مساعدة المريض بما يلي:
- الإكثار من شرب الماء والسوائل الأخرى.
- زيادة ملح الطعام، ولكن ذلك يجب ان يكون محسوبا وتحت الإشراف الطبي.
- ارتداء الجورب الضاغط على الساقين.
- بعض العقاقير عن طريق الفم تساعد في رفع ضغط الدم، إما بزيادة احتجاز الملح والسوائل بالجسم، أو بزيادة انقباض الأوعية الدموية.
يضاف إلى هذا كله النصح بتوخي الحذر عند التحرك من وضع النوم إلى وضع القعود، أو من وضع القعود إلى وضع الوقوف، بحيث يتم ذلك ببطء وعلى مهل، لإعطاء فرصة للجسم للتكيف مع الوضع الجديد، حيث إن عمليات التكيف التي يتميز بها الأشخاص الأصحاء تكون أقل كفاءة في هؤلاء المرضى.
كما ينصح هؤلاء المرضى أيضا بالتنفس بعمق عند الاستيقاظ من النوم لبضع دقائق، ثم الجلوس لفترة على جانب السرير، ثم الوقوف بالتدريج. وعند الشعور بالدوخة لحظة الوقوف، ينصح بوضع أحد الساقين على كرسي، والانحناء للأمام لزيادة تدفق الدم من الساقين والنصف السفلي من الجسم ناحية القلب، مما يرفع ضغط الدم.
مجلة التفاحة نحو الصحة والحياة